بحث عن:

الأحد، 29 مايو 2011

نكتة لغوية من كلام لشيخ الإسلام ا بن تيمية


نكتة لغوية من كلام لشيخ الإسلام ا بن تيمية



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
باسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
أبدأ مستعينة بالله سائلته التوفيق والسداد : فأسوق لكم تلك النكتة اللغوية
إن من كان له أدنى اهتمامًا بالمواد الشرعية ، فإنه ولابد مضطرٌ للاحتكاك باللغة ،
إن لم يكن فى كل الموضوعات التى يتطرق إليها ففى جلّها وهذا واقع معاين .
-* ومن أمتع ما قرأت من استدلالات لغوية فى هذا المجال :
استثناء جملة من حديث لإبى هريرة -رضي الله عنه -
في حديث الغرّ المحجلين : فقد أثبت ابن تيمية -رحمه الله تعالى-
أن تلك الجملة من كلام إبى هريرة - رضي الله عنه -
أدرجت فى الحديث ، ونُسبت للرسول صلى الله عليه وآ له سلم خطأً
مستدلا بالمعنى اللغوى ، وليس عن طريق علم الحديث أوالرجال
والعجيب : أن أحدنا إذا قرأ الحديث لم ينتبه بل ولم تُداخله أدنى شبهة
فى صحة نسبة كل كلمة فى الحديث لرسولنا الكريم صلى الله عليه وآله وسلم !!!
-وما ذلك إلا لقلة حسّنـا اللغوي ، فالله المستعان .
-وحان الوقت لنذكر الحديث وموضع الشاهد منه :
ولمن لم يعرف تلك المعلومة سابقا فرصة متاحة لتأمل الحديث ؛
ومحاولة تعيين أى العبارات هى المدرجة من كلام أبى هريرة فيه .
- عن أبى هريرة -رضى الله عنه- قال : قال رسول -الله صلى الله عليه وآله وسلم- :
(( إن أمتى يأتون يوم القيامة غرا محجلين من آثار الوضوء ؛ فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل ))
الفتح / كتاب : الوضوء/ باب : فضل الوضوء والغر المحجلين من آثار الوضوء / ج1 / رقم : 45

والآن ما هى العبارة المدرجة ؟

- هي : فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل

قال ابن تيمية :
(( هذه اللفظة لا يمكن أن تكون من كلامه -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-
فإن الغرة لا تكون فى اليد لا تكون إلا فى الوجه وإطالته غير ممكنة إذ
تدخل فى الرأس فلا تسمى تلك غرة 0)) انتهى كذا فى إعلام الموقعين /6/316
منقول من كتاب: ( تمام المنة فى التعليق على فقه السنة ) لشيخنا الألبانى ص92 .

*- هل تأملتم السبب الذى استند إليه شيخ الإسلام فى إطلاق حكمه هذا ؟
المعنى اللغوى للغرة : والأصل فيها بياض فى جبهة الفرس والتحجيل بياض فى رجله
فمن المتعذر إطالة الغرة كما قال ابن تيمية ؛ لأن من حاول أطالتها دخل ولابد
على عضو آخر ألا وهو الرأس ؛ فلا يُتصور أن من أوتى جوامع الكلم والذى
لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحى يوحى ، لايُتصور منه أن يقول
مثل هذه العبارة التي لا تستقيم لغويًا، بينما ذلك الخطأ لا يُستغرب من سواه ؛
لأن : سواه ليس بمعصوم ولا ينطق بالوحى ..وإن كان - رسولنا عليه الصلاة والسلام -
لابد آمرًا لقال : ( فمن استطاع منكم أن يطيل تحجيله فليفعل )لأن التحجيل فى اليدين والرجلين وهى الأعضاء التى تقابل أرجل الفرس
؛ وذلك لأن الأمر جاء في الشرع بغسل بعض تلك الأعضاء
فى الوضوء وليس كلها ، فمن أراد الزيادة والإطالة فى الغسل استطاع لاتساع العضو وقبوله الزيادة . 
 
رحم الله أبا هريرة إن اراد إلا الخير ، ورحم الله ابن تيمية
ونفعنا جميعا بما علمنا إنه بكل جميل كفيل ، هو حسبنا ونعم الوكيل

 

محاولة لتحرير محل النزاع حول حكم لبس الكمامة للمحرم





باسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :


يمكن تلخيصه محل النزاع في الجواب عما يلي :




1- هل تدخل الكمامة تحت مسمى

المخيط الذي يعد من محظورات الإحرام للرجال ؟
وإن لم تكن داخلة في مسمى المخيط هل يصح ستر وجه المحرم بها ؟



2- هل يجوز لبس النساء لها و هن ممنوعات من لبس النقاب حال الإحرام؟




أما عن السؤال الأول :


ففيه مسألتان :



** الأولى :


- إن قلنا أن تعريف المخيط كما قال أهل العلم :

هو ما خيط على قدر العضو
علمنا محل النزاع في إجابة السؤال الأول :

(أ) - فمن رأى أن الكمامة مفصلة على قدر ما تغطي من الوجه

لا يرى جوازها حال الإحرام للرجال ؛ لأنها بذلك داخلة في
مسمى المخيط الذي هو من المحظورات .

(ب)- ومن رأى أن الكمامات ليست مفصلة على

قدر ما تستر من الوجه
رأى جوازها حال الإحرام للرجال ؛
لأنها خارجة عن مسمى المخيط .


** الثانية :


(أ)- من رأى أن تغطية الوجه من محظورات الإحرام على الرجال

ولو بغير المخيط لم يجوز لبس الكمامات ودليله ما جاء في الحديث الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه :
بينا رجل واقف مع النبي صلى الله عليه وسلم بعرفة ، إذ وقع عن راحلته فوقصته ، أو قال فأقعصته ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : اغسلوه بماء وسدر . وكفنوه في ثوبيه . ولا تخمروا رأسه ولا وجهه . فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا
الراوي: عبدالله بن عباس المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 1206
خلاصة حكم المحدث: صحيح

(ب)- ومن رأى أن الحديث الذي في مسلم صحيح عدا لفظة : ( ولا وجهه )

جوّز وضع الكمامة لأنه قصر الحرمة على تغطية الرأس وحده واستدلوا على
رد هذه اللفظة التي في مسلم بما يلي :
قالوا :ولا تخمروا رأسه هذه رواية الجماعة ، ومعنى لا تخمروا رأسه أي لا تغطوه ومنه الخمار لغطاء الرأس
. لكن ورد في رواية عند مسلم أن النبي _صلى الله عليه وسلم_ قال ولا تخمروا رأسه ولا وجهه

وقالوا أن أهل العلم قد اختلفوا فيها:

- فذهب جماعة من أهل العلم إلى أن هذه الزيادة غير محفوظة وأنها شاذة حتى وإن وردت في صحيح الإمام مسلم فإن من رواها من الثقات خالف من هو أوثق منه وبتالي فإنها شاذة معلولة لا تصح ولا يصلح الاحتجاج بها .

- بينما ذهب فريق أخر من أهل العلم إلى أن هذه الرواية التي وردت في صحيح مسلم زيادة مقبولة محفوظة

لأنها زيادة من ثقة وزيادة الثقة مقبولة .

*إلا أن هؤلاء المجوّزين قالوا بشذوذها .




وأما عن السؤال الثاني :




(أ)- فمن يرى أن الكمامات داخلة في معنى النقاب

الذي هو محظور على المرأة لم يجوّزها .


(ب)- ومن يرى أن الكمامات ليست داخلة

في معنى النقاب جوّزها ؛ لأنها وإن صح
أنها تستر بعض الوجه إلا إنها ليست نقابا
وبخاصة أن من أهل العلم من نبه على الفارق
بين حرمة لبس النقاب على المحرمة
و جواز ستر وجهها حال الإحرام بأي ساتر ليس
النقاب و لا ما دخل في مسماه .





و ننقل ما يلي كتطبيق على اختلاف أهل العلم

في الحكم على تلك المسألة :


- مثال للمجوزين ومناط الجواز عندهم ما لون بالأحمر فوق الخط :


أجاز مفتي عام السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ لبس الكمامات للمعتمرين أثناء الطواف والسعي وفى الصلاة داخل المسجد الحرام وغيره والأخذ بالأسباب التى تقي الناس العدوى


وقال المفتي ردا على سؤال حول حكم لبس الكمامات في العمرة والصلاة" إنه جائز "لافتاً" أن الكمامات لاتعتبر غطاء وجه، فمن يرى الحاجة إلى لبسها فلا بأس وإن لم يكن هناك حاجة فتركها أولى".





- مثال لغير المجوزين ومناط عدم الجواز عندهم ما لون بالأحمر فوق الخط :


بينما أفتى بعض أهل العلم من غير المملكة :

بأنه لا حرج على الرجال أو النساء في لبس كمامة صحية «عند الحاجة» خلال الإحرام «مع إخراج فدية» (1).


هذا والله تعالى أعلى وأعلم .



---------------------------------

(1) - وهذه الفدية التي قالوا بإخراجها يبررها أنهم يرون
أن لبس الكمامة من محظورات الإحرام وعلى من فعل محظورا
فدية . {فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك}
البقرة :196 .